تونس.. دعوة إلى المجتمع الدولي من أجل حماية خليج تونس البحري

نظمت الجمعية التونسية للصيد المستدام TSSF ندوة علمية في بث مباشر، بمناسبة اليوم العالمي للصيادين الصغار و رجال البحر بالعاصمة التونسية يوم الأربعاء 27 نونبر 2024، تحت شعار “التنوع البيولوجي البحري و الشعاب الاصطناعية: تعزيز القدرات و الإدارة المستدامة للنظم البيئية الساحلية”، بحضور مجموعة واسعة من المشاركين، بما في ذلك خبراء وباحثون وصيادون وصانعو السياسات.
و قد استهلت الندوة بتعريف مقتضب للجمعية المنظمة و التي تهدف إلى تنمية و تأهيل الحياة البحرية و الحفاظ على التوازن البيئي البحري، عبر تبني مشاريع تضمن توازن النظم الإيكولوجية و تدبير المصايد، بالإضافة إلى إنشاء هيئات مهنية تسعى إلى تقديم خدمات استشارية إلى الصيادين الصغار من اجل تدبير مشترك لمناطق الصيد و مواردها.
كما تدعو الى تطبيق الحكامة الجيدة في قطاع الصيد البحري من اجل الحفاظ على الثروة السمكية و ضمان حياة كريمة للصيادين الصغار، و تحسين الدخل الفردي لهذه الفئة، بالإضافة إلى تنظيم ورشات عملية لتقوية قدراتهم و تاهيلهم اقتصاديا و اجتماعيا.

و تقدم السيد هيكل قرمازي منسق مشروع الجمعية بعرض حول مشروع MedFishMan، تناول من خلاله أهمية و دور الخليج التونسي الغني بتنوع أحياءه المائية، و ما يقدمه من فرص عمل و انتاجية سنوية تقدر بحوالي 30 ألف طن من الأسماك، و الذي أصبح في تدهور مستمر منذ سنة 1970 بسبب أنشطة التمدن و أنشطة الصيد البحري خاصة صنف الجر، مما كانت له آثار سلبية على قطاع الصيد البحري، و الذي لم يعد بإمكانه تحمل هذا الكم الهائل من الضغط.

و في نفس الاطار، أبرز الكاتب العام للجمعية السيد نوفل الحداد الدور الذي تلعبه الشعاب الاصطناعية، و التي تعتبر ملاذا آمنا للأسماك، و تساهم بشكل فعال في التنوع البيولوجي البحري واستعادة النظم المتدهورة، و الذي يتطلب رصد علمي لهذه النظم البيئي و تقييم مستمر لتأثير الشعاب الاصطناعية على التنوع البيولوجي، و ما يشمله من دراسات حول كثافة الأنواع وتنوعها.

كما أشادت السيدة ريم موساوي عن أكاديمية الصيد المستدام في مداخلتها، إلى دور المرأة والمجتمعات المحلية في بناء مستقبل مستدام، و اسهامها في الحفاظ على هذه الثروة البحرية للأجيال القادمة، كما نبهت الدكتورة جان زوالي، خبيرة في علم الأحياء البحرية، الى استمرار تدهور النظام البيئي البحري بسبب التلوث والممارسات غير المستدامة، و التي تعتبر حقائق مقلقة عن خليج تونس، حيث رسم الخبراء صورة مقلقة حول الوضع البيئي بسبب تراجع التنوع البيولوجي و اختفاء شبه كامل لأنواع بحرية حساسة مثل السيمودوسيا والبوسيدونيا، و تغير قاع البحر الذي تحول قاعه من الرمل إلى الطين، و هو ما اعتبره الخبراء مؤشرًا على التصحر البحري، بالاصافة إلى تصريف مياه الصرف الصحي في البحر، مما يسهم في انتشار أنواع مقاومة لا تحمل قيمة اقتصادية.

و حسب البلاغ الصحفي الذي أصدرته الجمعية التونسية للصيد المستدام و الذي توصلت به جريدة الصحراديسك، فإن مشروعها MedFishMan يتماشى بشكل كامل مع التوجهات الطوعية لضمان استدامة مصايد الأسماك صغيرة النطاق في سياق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر التي اعتمدتها منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، من خلال تعزيز الإدارة العادلة والمستدامة للموارد البحرية.
كما يدعم المشروع بشكل فعّال مجتمعات الصيادين الحرفيين، مع تعزيز قدراتهم والاعتراف بدورهم الحيوي في حفظ النظم البيئية، مع ضمان سبل عيش كريمة، وحماية التنوع البيولوجي البحري، وتعزيز مرونة النظم البيئية الساحلية، و مساهمته في تقليص الفقر وتحقيق الأمن الغذائي المستدام.

و في ختام أشغال الندوة، دعا المشاركون الحكومة التونسية إلى تبني إجراءات فورية لإنقاذ خليج تونس، و ذلك عبر فرض سياسات صارمة ضد التلوث البحري، و تعزيز الرقابة البيئية وحماية المناطق الحساسة، و تقديم الدعم المالي واللوجستي لتوسيع مشاريع الشعاب الاصطناعية، مع إطلاق برامج وطنية للتوعية بأهمية التنوع البيولوجي البحري، و تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والمنظمات والصيادين والباحثين لإيجاد حلول مستدامة، دون نسيان الدور الذي تقوم بها المبادرات المحلية أمثال أكاديمية الصيد البحري التقليدي المستدام.

كما وجهت فعاليات الندوة العلمية رسالة الى المجتمع الدولي من اجل دعمها في مسارها التنموي الذي تبنته في انقاذ الثروة البحرية خليج تونس و حماية هذا النظام البيئي الغني و المتنوع من المخاطر التي تواجهه.
